في
وقت تتحكم فيه شركات برمجيات الحاسوب العالمية فيما تقدمه من خدمات
تكنولوجية سواء للافراد او لقطاعات علمية واقتصادية مختلفة سواء كانت
حكومية او خاصة ، تكونت مجموعات علمية في مختلف دول العالم تؤمن بوجود
امكانية لتحرير سوق تكنولوجيا المعلومات من سيطرة الشركات الكبرى وذلك
بانشاء برامج رديفة لما تقدمه هذه الشركات لكنها تختلف عنها بانها توفر
الخدمة الحرة للبرمجيات وهو ما بات يعرف بـ”البرمجيات الحرة مفتوحة
المصدر”.
المجموعات
المنادية لاستخدام هذه البرامج بدأت في الولايات المتحدة ثم فنلندا في
بداية الثمانينات من القرن الماضي حيث اخذت الانتشارتدريجيا ثم امتدت
الفكرة تدريجيا واخذت صداها الاعلامي مع نهاية التسعينيات لتشمل عددا من
الدول العربية ومن بينها فلسطين في السنوات القليلة الماضية، غير ان اكثر
الدول العربية التي ينتشر فيها استخدام مثل هذه البرامج هي تونس.
حنا
قريطم المدير العام لشركة خدمات المعلوماتية للهواتف المحمولة وهو عضو
في منتدى Palestinian Linux user وهي مجموعة مستخدمي لينوكس الفلسطينية
من اهدافها تثقيف الفلسطينيين باستخدام برمجيات الحاسوب والانترنت
ويؤمن العديد من اعضائها بفلسفة “البرمجيات المفتوحة المصدر” يقول “ هذه
البرمجيات تعطي مستخدميها اربع حريات اساسية وهي :حرية استخدام البرنامج
بالشكل الذي يريدونه لمستخدم دون ان يدفع ثمن الحصول على البرنامج ، حرية
جرابتوب ، اعادة توزيعه ضمن حدود بالاضافة لامكانية تعديلة كي يوائم تلبية
احتياجات خاصة .
وتوفر هذه البرامج نظام تشغيل كامل من حيث النواة ومن حيث الادوات
الموجودة معه وهي منتشرة بكثرة في السيرفرات كما انها هي التي تشغل
الانترنت . وتقوم فلسفة هذه البرامج على أن الذين يعدوها في العالم متطوعون
ولا يتقاضون اجرا . ولا تنحصر هذه البرمجيات على نوعية معينة بل هي
متعددة ومنها نظام التشغيل ومختلف القدرات الحاسوبية مرورا ببرمجيات
مستخدمة يوميا مثل “هايدي فن” و”كومبيوتنج” و”الكرسترنج” بالاضافة لبرمجيات
يمكن استخدامها في ابحاث لها علاقة بالنت . ويؤكد قريطم الذي بدأ مؤخرا
باعداد محاضرات ترويجية لهذه البرامج بانها توفر في كثير من الاحيان نفس
الخدمات التي توفرها البرامج المغلقة التي تقدمها الشركات.
وقد
مثل قريطم فلسطين خلال العام الماضي في اجتماع للمنظمة العربية للثقافة
والعلوم “الاكسوا” عقد في تونس وكان الهدف منه وضع الية عمل مشتركة بين
الدول العربية لتشجيع البرمجيات الحرة مفتوحة المصدر . وقد قامت المجموعة
الفلسطينية المعنية بترويج هذه البرامج بانشاء موقع الكتروني لها وتقوم
بعدة مشاريع بينها مشروع المنهاج المساعد وهو عبارة عن موقع الكتروني
يحتوي على المنهاج الفلسطيني لكل الصفوف المدرسية من الاول حتى التوجيهي .
ويقول قريطم”اي شخص عنده نشاطات او اسئلة او اضافات علمية يستطيع ان
ينشرها في هذا الموقع “. ويضيف “ هذا المشروع قمنا به لان المنهاج
الفلسطيني يشجع على البرمجيات المغلقة وكانها الشيء الوحيد الموجود “.
مؤكدا على ان هذا الموقع يوفر لكافة المعنيين الحصول على المواد التي
يريدونها والاجابة على كافة الاسئلة في المنهاج وفي نفس الوقت يعطيهم فرصة
للتعرف على البرمجيات الحرة مفتوحة المصدر.
هناك
عدد كبير من البرمجيات الحرة منها ما وصل إلى مرحلة من النضوج وتنافس
اكثر البرمجيات المغلقة مثل: نظام التشغيل “ لينوكس” بكل انواعه (الماني
وفرنسي وعربي) يعطيك وهو رديف لنظام التشغيل “ ويندوز” في البرامج
المغلقة.
كما
يوجد مجموعات” اوبن افس “ وهو رديف لبرنامج مايكروسف اوفس ومنافس قوي له
والامر ذات ينطبق عل برنامج “ ميدجيا بليير وهو رديف لبرنامج “ ويندز
بليير” بالاضافة إلى عدد من البرامج الاخرى مثل “سن بيرج اميرول” ،
سيرفرات اباتشي الاكثر استخداما في العالم ، برنامج “فايرفوكس” الخاص
باستخدام الانترنت، فاستخدام “جوجل “ مثلا يعني استخدام لبرنامج مفتوح حر
المصدر.وتكمن الجوانب السلبية لهذه البرامج في انها غير سهلة الاستخدام
باعتبارها غير شائعة بعد لكنها توفر نظام حماية وامان متطور.
ويرى
قريطم ان تطبيق مثل هذه البرمجيات في فلسطين وتشجيعها سيقود إلى ثورة
اقتصادية ومجتمعية غير مسبوقة وستقلل التبعية الاقتصادية للشركات الكبرى .
فرغم ان هذه البرمجيات يمكن استخدامها بحرية غير انه لا يعني انه لا يترتب
عليها تكلفة اقتصادية . ويبين قريطم ان الشخص بامكانه الحصول على البرنامج
لكن ما سيبقى ينقصه هو التشغيل والخدمة المتكاملة من امور فنية وخدمة ما
بعد البيع والتعريب والتخصيص للشركات والقطاعات المختلفة الامر الذي سيدفع
شركات الحاسوب لتعدل طبيعة عملها بدل ان تكون وكالات لشركات اجنبية واداة
للتبعية الاقتصادية لتصبح شركات تابعة على اقتصاد الخدمات ما سيخلق فرص عمل
كبيرة لا سيما للفنيين .ويقول قريطم” هذه البرمجيات ستحول “دكاكين”
الحاسوب في فلسطين إلى شركات خدمات حقيقية “. ويضيف” المبالغ الضخمة لتي
ندفعها لشراء البرمجيات المغلقة معظمها يذهب لصالح الشركات العالمية
الكبرى اما اذا انتشرت البرمجيات الحرة مفتوحة المصدر فهذا سيقلل من
تكلفة البرامج ولكن الاموال ستبقى داخل البلد “. مشيرا إلى ان مستقبل
فلسطين يكمن في البرامج حرة المصدر لانها ستحد من ظاهرة انتشار سرقة ملكية
الحقوق الفكرية باعتبار ان الذين يقومون بنسخ البرمجيات لن يرتكبوا جنحا
إذا ما قاموا بعمليات النسخ للبرمجيات مفتوحة المصدر. وفي نفس الوقت
يحافظون على رزقهم بينما لو تم تطبيق قوانين حماية الملكية الفكرية في ظل
انتشار البرمجيات المغلقة فإن اعدادا كبيرة ستفقد مصدر رزقها وذلك باغلاق
المحلات التجارية المتخصصة في عمليات نسخ الاقراص المدمجة.ويؤكد قريطم ان
كثيرا من دول العالم من بينها دول الاتحاد الاوروبي ودول اسيوية وتونس سنت
قوانين تشجع على نشر استخدام البرمجيات الحرة مفتوحة المصدر ومبدؤها
الاساسي دعم الاقتصاد الوطني وتقليل التبعية الخارجية . ويشير الى أنه في
تونس فإن كل العطاءات الحكومية في مجال البرمجيات يكون فيها اولوية
للبرمجيات الحرة مفتوحة المصدر شريطة ان تكون ذات جودة عالية مبينا ان ذلك
ساهم في زيادة عدد الشركات التي تعمل في مجال البرمجيات الحرة ، بالاضافة
إلى زيادة مراكز التدريب التي تقدم دورات تدريبية في البرمجيات الحرة
وكذلك زاد على نشر البرمجيات الحرة على مستوى الجامعات. ويؤكد قريطم ان هدف
المروجين لهذه البرمجيات هو ايجاد بديل امام الناس وليس المس او الاساءة
للشركات المصنعة للبرمجيات المغلقة.
المصدر : هنا
الإبتساماتإخفاء